هل على النافي دليل؟

القول بانتفاء دليل النفي إثبات من نوع آخر
هل القول بعدم وجود دليل على وجود الله دليل على عدم وجوده كلام معقد؟؟؟ كلا،فتلك جملة مركبة في غاية البساطة، لكنها في نفس الأمر في غاية الرسقوط والركاكة،وذلك أن نفس القول بعدم الدليل يحتاج إلى دليل، لأن القول بعدم الدليل قول إيجابي لا سلبي، وقولك لا يوجد دليل، معناه أنك قد قمت باستقراء بلايير الإحتمالات للنسب التامة في ملايير الأدلة المحتملة، ثم وجدت كل تل
ك البلايير باطلة متناقضة، وهذا من أعظم البهتان على وجه الأرض، نعم، لوشئت أن تسلم من هذا المطعن لقلت إنني لا أعلم دليلا على وجود الله،فما الدليل أيها المثبت لوجود الله، إذ صحيح أن الدليل على المثبت، لكن غير المثبت هو المتوقف، وليس العكس، فالجزم بالنفي إثبات من نوع آخر، لذلك اختلف بعض الناس هل على النافي دليل؟ والذي يؤيده المنطق هو أن الأصل هو أن النفي يحتاج إلى الدليل، والذي لا يفتقر إلى دليل هو التوقف بمعنى الجهل، وليس حتى التوقف بمعنى العلم بتكافؤ الأدلة مثلا.

شكر أخي على هذا التحليل الذي يجعل العقل يتحرك ويبحث عن مخرج له قبل أن يفكر في مخرج لحامله ,فإذا توصل إلى مخرجه والتخلص مما وقع فيه, فلا محالة أن يجد ثغرة لحامله ,وبالتالي يبقى هو الأساس وسيد الافكار وحل كل كلام معقد , مثل ماذكرت يا أستاذي المحترم, والنتيجة هي أن كل كلام معقد يطرحه العقل , وبطرحه له, هو الذي يمكن أن يحلل خباياه ويحدد مساره, وبيقي الفرق في العقول, بل في أصحابها, بل في طريقة استعمالها.......بل.... بل..... لأن العقل واحد فقط ولا ثانية له , والسؤال أين يتجلى الفرق في العقول مع أن العقل واحد’؟؟؟؟؟؟

صحيح أن العقل واحد لا يختلف وإنما الذي يختلف هو طرقة التفكير. ومن البراهين النقلية فضلا عن العقلية على عدم اختلاف العقول إنكار الله على جميع المختلفين عدم استعمالهم للعقل في مثل قوله تعالى((أفلا تعقلون)). أي: لو استعملتم عقولكم لما خطر ببالكم غير ماجاء به الوحي. لكنكم اختلفتم ولم تهتدوا إلى الحق لأنكم لا تعقلون. وتعليل الضلال بعدم التعقل وارد صراحة في قوله تعالى بعد حكاية متاهات الزائغين عن الحق ((ذلك بأنهم قوم لا يعقلون)). وكما نص الحق جل جلاله على نجاسة كل تفكير غير مقبول في ميزان العقل في قوله عز وجل((ويجعل الرجس على الذين لا يعقلون)) ومعلوم أن اللذين من ألفاظ العموم. والعقل السليم لا يمكن أن يتناقض مع ما جاء به النقل الصحيح. لذا فمن شروط صحة الدليل النقلي كونه صحيحا، ومن شروط صحة الدليل العقلي كونه سليما. أي: سليما من كل الأحكام المسبقة.
وقال تعالى على لسان أصحاب الجحيم((لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب الجحيم)) أي: لو كنا نسمع فقط أو نعقل فقط ما كنا في أصحاب الجحيم. لأننا لو عقلنا لجرنا العقل إلى الإيمان بمقتضيات السمع .ولو سمعنا لجرنا السمع إلى الإيمان بمقتضيات العقل. لذلك جمع الله بين النقل والعقل في قوله:((إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون)). فالسمع يهدي إلى العقل والعقل يهدي إلى السمع، ومن هذا المنطق وهو أن العقل السليم موافق للنقل الصحيح نفهم أن دابر الاختلاف يقطع بالرجوع إليهما معا. فكيف يمكن أن يصبح ما به يزول الاختلاف هو السبب في وقوع الاختلاف؟؟؟؟؟؟. وكيف يصير ما لو استعملناه لنجونا من الجحيم موقعا في الاختلاف؟؟؟ وكيف يرجع ما علل الله بانتفائه اختلاف الكفار في قوله ((ذلك بأنهم قوم لا يعقلون)) هو العلة للاختلاف ؟؟؟. إذن: العقل السليم لا يتناقض مع نفسه أولا(أي لا يتناقض العقل مع العقل)، ولا مع القرآن ثانيا.

شكرا لكم أيها الاساتذة الكرام على مناقشة هذا الموضوع

شكرا أستذ حسن، كلام رائع وتحليل منطقي... فالمتوقف في المسألة هو الوحيد الذي لا يطلب بدليل ،أما النافي فهو في الحقيقة مثبت ؛ لأن نفيه للمسألة إثبات لضدها ومن ثم يطلب بدليل.