الحمد لله الذي خلق الإنسان وكرمه، وأنشأه وعلمه، والصلاة والسلام على المبعوث للعالمين بالهدى والرحمة، وعلى آله وصحبه ومن اقتفى أثره إلى يوم الدين. أما بعد:
لقد كان موقف الإمام مالك –رحمه الله من الشيعة الرافضة الذين بنوا دينهم على سب ولعن وتكفير عموم المسلمين، بزعمهم أن الناس بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ارتدوا جميعا باستثناء ثلاثة أو أربعة، لكفرهم بإمامة علي بن أبي طالب وبنيه موقفا واضحا لا يترك مجالا للشك في أنه رحمه الله كان يرى ضلال وزندقة بل وكفر الشيعة الرافضة المبغضين لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم الطاعنين في عرضه الشريف بأبي هو وأمي.
ومن بركة مذهبه –رحمه الله، خلوه من علماء وفقهاء تلوثت عقائدهم بفيروس الشيعة الرافضة، بينما باقي المذاهب الفقهية لم تسلم من هذه الأمراض، لا الحنفي، ولا الشافعي ولا الحنبلي من اتصاف بعض علمائهم وفقهائهم بعقائد فاسدة تخالف عقيدة السلف المبنية على الكتاب والسنة وما كان عليه الصحابة الكرام، فإنك لابد أن تجد فيهم الجهمي والمرجئي والخارجي والشيعي الرافضي، باستثناء علماء المالكية فقد وقاهم الله سبحانه وتعالى من التلوث بشيء من عقائد تلك الفرق الضالة، وهو ما أكده القاضي عياض رحمه الله في كتابه «ترتيب المدارك وتقريب المسالك»، حيث قال: «وقد نظرنا طويلاً في أخبار الفقهاء وقرأنا ما صنف في أخبارهم إلى يومنا هذا فلم نر مذهباً من المذاهب غيره أسلم منه فإن فيهم الجهمية والرافضية والخوارج والمرجئة والشيعة إلا مذهب مالك رحمه الله تعالى فإنا ما سمعنا أحداً ممن تقلد مذهبه قال بشيء من هذه البدع، فالاستمساك به نجاة إن شاء الله تعالى» .
ومن ينظر في تراجم رجال كل مذهب من المذاهب الأخرى يتأكد له هذا الاستنتاج الذي وصل إليه القاضي عياض رحمه الله بعد طول استقصاء وتحقيق، وهو ما يفسر لنا انعدام أية طائفية أو تعددية مذهبية في بلاد المغرب منذ عهد بعيد، ووجودها لحد الآن في المشرق العربي، مع ما يترتب عن ذلك من تداعيات خطيرة تهدد أمن وسلامة واستقرار دول المشرق العربي. وعليه فإن المسؤولية ملقاة اليوم –وبقوة على علماء وفقهاء المغرب، وعلى كل من له اهتمام بالشأن الديني –من قريب أو من بعيد في هذا البلد الكريم، ليقوم بنفس الدور الذي قام به سلفهم من فقهاء وعلماء المالكية رحمهم الله جميعا، لوقاية المغاربة من هذا التلوث العقدي الشيعي الرافضي الذي بدأ يخترقهم بقوة.
1 قال إمام دار الهجرة، وعالم المدينة مالك بن أنس –رحمه الله: «أهل الأهواء كلهم كفار، وأسوأهم الشيعة الرافضة. قيل: النواصب؟ قال: هم الشيعة الرافضة، رفضوا الحق ونصبوا له العداوة والبغضاء» .
2 وقال أيضا –رحمه الله: «الذي يشتم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ليس له سهم أو نصيب في الإسلام» .
3 وقال الحافظ ابن كثير: «وقد ذهب طائفة من العلماء إلى تكفير من سب الصحابة؟، وهي رواية عن مالك بن أنس رحمه الله» .
4 «دخل هارون الرشيد المسجد، فركع ثم أتى قبر النبي صلى الله عليه وسلم، ثم أتى مجلس مالك فقال: السلام عليك ورحمة الله وبركاته، فقال مالك: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته، ثم قال لمالك: هل لمن سب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في الفيء حق؟ قال: لا ولا كرامة، قال: من أين قلت ذلك؟ قال: قال الله: (لِيَغِيظَ بِهِمْ الْكُفَّارَ )، فمن عابهم فهو كافر، ولا حق للكافر في الفيء، واحتج مرة أخرى بقوله تعالى: (لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ )، قال: فهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين هاجروا معه وأنصاره، (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ) ، فما عدا هؤلاء فلا حق لهم فيه».
قلت: هذه فتوى صريحة صادرة من إمام دار الهجرة الإمام مالك –رحمه الله، والمستفتي هو أمير المؤمنين في وقته، والإمام مالك يُلحق هؤلاء الشيعة الرافضة في هذه الفتوى بالكفار الذين يغتاظون من مناقب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
5 روى الحافظ أبو القاسم الجوهري في "مسند الموطأ" (ص:16 ) قال: حدثنا أبو إسحاق ابن شعبان، قال: حدثني الحسن بن علي الهاشمي، قال: حدثني محمد بن سليمان الباغندي، قال: حدثني هشام بن عمار، قال: سمعت مالك بن أنس، يقول: «من سب أبا بكر وعمر جلد ومن سب عائشة قتل» فقيل له: «ولم يقتل في عائشة رضي الله عنها؟» فقال: «لأن الله عز وجل يقول في عائشة: (يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَن تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ) قال: فمن رماها فقد خالف القرآن ومن خالف القرآن قتل».
قال ابن حزم معلقاً على كلام مالك: «قول مالك هاهنا صحيح، وهي ردة تامة، وتكذيب لله تعالى في قطعه ببراءتها» .
وقال أبو بكر ابن العربي المالكي: «إنَّ أَهْلَ الْإِفْكِ رَمَوْا عَائِشَةَ الْمُطَهَّرَةَ بِالْفَاحِشَةِ، فَبَرَّأَهَا اللَّهُ، فَكُلُّ مَنْ سَبَّهَا بِمَا بَرَّأَهَا اللَّهُ مِنْهُ فَهُوَ مُكَذِّبٌ لِلَّهِ، وَمَنْ كَذَّبَ اللَّهَ فَهُوَ كَافِرٌ، فَهَذَا طَرِيقُ قَوْلِ مَالِكٍ، وَهِيَ سَبِيلٌ لَائِحَةٌ لِأَهْلِ الْبَصَائِرِ، وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا سَبَّ عَائِشَةَ بِغَيْرِ مَا بَرَّأَهَا اللَّهُ مِنْهُ لَكَانَ جَزَاؤُهُ الْأَدَبَ».
وقال الإمام مالك رحمه الله عن هؤلاء الشيعة الرافضة الذين يسبون أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنما هؤلاء أقوام أرادوا القدح في النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يمكنهم ذلك، فقدحوا في أصحابه حتى يقال: رجل سوء، ولو كان رجلًا صالحا لكان أصحابه صالحين».
وسئل الإمام مالك رحمه الله عن الشيعة الرافضة فقال: «لا تكلمهم ولا ترو عنهم؛ فإنهم يكذبون».
ما أصدق هذا القول من هذا الإمام الكبير في هؤلاء الأراذل أحفاد القردة والخنازير ! الذين سخّروا ألسنتهم ودماءهم وأجسادهم وأقلامهم في شتم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، معتبرين ذلك شرطا من شروط الإيمان، فلا يتم إيمان أحدهم بل لا يبدأ إيمان أحدهم إلا بهذه العقيدة السبئية الصفوية.
فهذا الإمام مالك رحمه الله يبين لنا في هذه المقولة الخط الواضح للشيعة الرافضة، وأنهم لا يقصدون صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن قصدهم بالضبط هو النبي صلى الله عليه وسلم، لكن جبنهم وخوفهم من سطوة أهل السنة يجعلهم يتنازلون عن الإمام الأكبر إلى أصحابه، وهذا الخط الباطني منذ بدايته إلى يومنا هذا لا يخفى إلا على مغفل جاهل بحال هؤلاء الشيعة الرافضة، بذرة اليهود وشجرة المجوس وثمرة الخنازير.
1ــ قال القاضي عياض –رحمه الله: «وكذلك نقطع بتكفير غلاة الشيعة الرافضة في قولهم: إن الأئمة أفضل من الأنبياء» (1 ).
والقاضي –رحمه الله لم يكن حكمه بالكفر على الشيعة الرافضة عبثا أو حكم عليهم بغير دليل، فقد قال شيطانهم الأكبر المدعو «روح الله الخميني» زعيم الثورة الإيرانية الصفوية البائسة ما يلي: «إذ للإمام مقامات معنوية مستقلة عن وظيفة الحكومة. وهي مقام الخلافة الكلية الإلهية التي ورد ذكرها على لسان الأئمة عليهم السلام أحيانا، والتي تكون بموجبها جميع ذرات الوجود خاضعة أمام ولي الأمر» (2 ).
وقال: «إن من ضرورات مذهبنا أن لأئمتنا مقامًا لم يبلغه ملك مقرب ولا نبي مرسل» (3 ).
وقال: ووردَ عنهم عليهم السلام :«إن لنا مع الله حالات لا يسعها ملك مقرب ولا نبي مرسل» (4 ).
2 ــ وقال القاضي أبو بكر بن العربي المعافري –رحمه الله وقد عبر أيضا عن موقفه بوضوح مثل إخوانه من علماء المذهب المالكي، فقال : «ما رضيت النصارى واليهود في أصحاب موسى وعيسى ما رضيت الشيعة الرافضة في أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم حين حكموا عليهم بأنهم قد اتفقوا على الكفر والباطل ، فما يرجى من هؤلاء، وما يستبقى منهم؟ وقد قال الله تعالى: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً﴾ [النور:55] ، وهذا قول صدق، ووعد حق . وقد انقضى عصرهم ولا خليفة فيهم ولا تمكين، ولا أمن ولا سكون، إلا في ظلم وتعد وغصب وهرج وتشتيت وإثارة ثائرة» (5 ).
3 ــ وقال الإمام ابن عبد البر المالكي –رحمه الله: «قيل لأبي عبد الله ــ يعني أحمد بن حنبل: فإن قال رجل : أنا أذهب إلى حديث أبي أيوب (حُبب إليّ الغسل ) قال: نحن لا نذهب إلى قول أبي أيوب، ولكن لو ذهب إليه ذاهب صلينا خلفه، قال: إلا أن يترك رجل المسح من أهل البدع من الشيعة الرافضة الذين لا يمسحون وما أشبهه، فهذا لا نصلي خلفه» (6 ).
وقال الإمام القرطبي –رحمه الله: «وقد طعن الشيعة الرافضة قبحهم الله تعالى في القرآن، وقالوا: إن الواحد يكفي في نقل الآية والحرف كما فعلتم فإنكم أثبتم بقول رجل واحد وهو خزيمة بن ثابت وحده آخر سورة «براءة» وقوله: ﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ﴾ [الأحزاب:23]».
وقال –رحمه الله: قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ﴾ [المائدة:67]، قيل: معناه أظهر التبليغ؛ لأنه كان في أول الإسلام يخفيه خوفًا من المشركين، ثم أمر بإظهاره في هذه أول من أظهر إسلامهtالآية، وأعلمه الله أنه يعصمه من الناس، وكان عمر وقال : لا نعبد الله سرًا وفي ذلك نزلت: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنْ اتَّبَعَكَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الأنفال:64] ، فدلت الآية على رد قول من قال : إن النبي صلى الله عليه وسلم كتم شيئًا من أمر الدين تقية، وعلى بطلانه، وهم الشيعة الرافضة، ودلت على أنه صلى الله عليه وسلم لم يُسرَّ إلى أحدٍ شيئًا من أمر الدين؛ لأن المعنى: بلِّغ جميع ما أنزل إليك ظاهرًا، ولولا هذا ما كان في قوله تعالى: ﴿وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ﴾ [المائدة:67].
بعد هذه الرحلة القصيرة المباركة في بيان موقف سادة وفقهاء المذهب المالكي ــ رحمهم الله جميعا ــ من عقيدة الشيعة الرافضة ، وكيف أنهم وقفوا سدا منيعا في وجه الشيعة الرافضة خاصة، ووجه أصحاب العقائد المنحرفة عامة، تبقى المهمة اليوم منوطة بعاتق من نصبه ولي الأمر ــ سدده الله ــ قيما على الشؤون الدينية، كي يقوم بواجبه الشرعي للتصدي لهذه الهجمة الشرسة التي تستهدف المغاربة في دينهم وعقيدتهم، حيث تكالب عليهم الأدعياء والمغرضون ممن ينتحلون محبة أهل البيت، وأهل البيت منهم براء ويضرب بيد من حديد على يد المدعو إدريس هاني الشيعي الرافضي الذي وكلت إليه الدولة الصفوية نشر مذهبها الفاسد بين صفوف أبناء هذا الوطن الغالي علينا.
بقلم: أبي بلال منير المغربي
(1 ) «الشفا» (2/290 ).
(2 ) «الحكومة الإسلامية» (ص 54 ).
(3 ) نفس المصدر.
(4 ) نفس المصدر.
(5 ) «العواصم من القواصم» (ص192 ).
(6 ) «التمهيد» (11/140 ).