لكل منا -أكيد- موقف من أسطورة المايا المتعلقة بنهاية العالم، كما لكل منا تأويله المنطقي حسب العقلية والمنهج الفكري الذي يتمتع به. قد يذهب البعض إلى الإقدام على تأويل لهذه الأسطورة يكون مقبولا إلى حد ما، ومن هذا التأويل هو قراءة العالم بكسر اللام نسبة إلى العلم، فحقيقة -ومن منظوري الشخصي- أرى بأن نهاية العلم والعالم قد أوشكت على النهاية، ذلك أن العلم اليوم يعيش أزمة قيم وأخلاق، لقد انفلت من عقال الدين والروحانيات وأصبح يسهم كثيرا في تدمير الكون والإنسان أكثر مما يخدمهما. ونهاية العلم ذي الروح الأخلاقية والروحانية يعني دخولنا مرحلة ثانية من مراحل دورة السلالة البشرية حسب تأويل أسطورة المايا نفسها، أي دخولنا حياة الانعزال في أوج الرفاه، حياة المادة وقسوتها، حياة البشر (الروبو) بدل الآدمي، حياة التعاسة بدل السعادة، حياة الإنسان من الدرجة الثانية أو الثالثة (الاستنساخ) بدل الدرجة الأولى...
بينما أنا أفكر وأضحك من انشغال إنسان المادة بالنهاية المحتومة، إذا بجارتي العجوز تدق باب شقتي، هرولت نحو الباب الموصد، تبادلنا التحية وأهدتني آنية وضعت فيها الحريرة، فقالت: ادع لي بالمغفرة لعلنا لن تلقي بعد الآن. فقلت: واش مسافرة لبلاد. فضحكت: وقالت: ياك غذا غاذي تفنى الدنيا راه هضرو عليها في الدوزيام...
لقد شغل هذا الحدث الصغير والكبير في أوساطنا الشعبية، وربما قد يكون أغنياؤنا أيضا قد بنوا لهم مساكن في باطن الأرض وأحكموا تشييدها، ولكن الموت لنا بالمرصاد ولو صعدنا الأبراج المشيدة. ما يلفت الانتباه في هذا الأمر هو أن إنسان الحضارة المادية قد أباد إنسان حضارة المايا، وقد تكون هذه الأسطورة تتنبأ بدخول حضارة المايا مرحلة التجمع والتمكين بعد التشتت والتخلف، كل شيء وارد، ولكن البعيد هو أن يصدق صاحب الاعتقاد بأن غذا نهاية العالم. والأغرب في المناقشة الشعبية لهذا الأمر الذي أضحكني كثيرا هو سماعي كلمة من مسن بمدينة مراكش بالحرف:
هادوك راه حماق ملي البسو سروال ديك ساعا نصدقوهوم
وأنتم.... فهل صدقتموهم؟؟؟؟؟