مِـن حِـكـم الامام مـالـك
تبدو خلاصات تجارب الحياة البشرية عصارة مهمة للسائرين في دروب الحياة، ينتفعون بها، ويستفيدون منها في استيضاح الكثير من معاني الحياة ومفاهيمها. وقد لخصتْ أقوال مالك المأثورةُ عنه الكثير من خلاصات تجاربه الثرية في الحياة، فله أقوال في العقل والعقلاء والعلم والعمل وغير ذلك.
قال - رحمه الله - في شأن العقل: "لكل شيء دِعامة، ودعامة المؤمن عقله، فبقدر ما يعقِل يعبد ربه".
وقال مالك: "إنما الحكمة مِسْحَة ملَك على قلب عبد"، و"الحكمة نور يقذفه الله في قلب العبد"، و"ما زهد أحد في الدنيا إلا أنطقه الله بالحكمة".
وقال: "الحكمة: التفكير في أمر الله تعالى، والاتباع له".
ولأجل هذه الأقوال الكثيرة لمالك في الحكمة نجده يفيض بحكم غالية، ومن رائع حكمه: "الدنو من الباطل هلَكة، والقول بالباطل بُعد عن الحق، ولا خير في شيء وإن كثُر من الدنيا بفساد دين المرء ومروءته". و"إذا ظهر الباطل على الحق، كان الفساد في الأرض، وقليل الباطل وكثيره هلكة، وإن لزوم الحق نجاة"، و"مَن لم يكن فيه خير لنفسه لم يكن فيه خير لغيره؛ لأن نفسه أولى الأنفس كلها، فإذا ضيعها فهو لما سواها أضيع، ومَن أحب نفسه حاطَها وأبقى عليها"، و"إن المؤمن حسن المعونة، يسير المؤونة، والفاجر بضده"، و"إذا مدح الرجل نفسه ذهب بهاؤه"، و"من صدق في حديثه مُتِّع بعقله، ولم يُصبه ما يصيب الناس من الهرَم والخرف". وقال: "ما أسرَّ عبدٌ سريرةَ خير إلا ألبسه الله رداءها، ولا أسرّ سريرةَ سوء إلا ألبسه الله رداءها".
ومن حكم مالك أيضا: "من أكثر الكلام، ومراجعة الناس قلَّ بهاؤه"، "وكل شيء ينفع فضله إلا الكلام"، و"كثرة الكلام تمج العلم وتذله وتنقصه"، وكان يقول حين يُسأل ويُستفتى: الكلام بالباطل يصد عن الحق"، و"لا يستكمل الرجل الإيمان حتى يحز لسانه".
وتكلم مالك عن العلم كثيرًا، ومن ذلك قوله: "ليس العلم بكثرة الرواية، وإنما العلم نور يضعه الله في القلوب"، وقال: "لا تسأل عما لا تريد فتنسى ما تُريد، فإنه مَن اشترى ما لا يحتاج إليه باعَ ما يحتاج إليه"، و"من طلب هذا الأمر (أي علم الدين) صبر عليه، فلا يبلغ أحد ما يريد من هذا العلم، حتى يضربه الفقر، ويؤثِرَه على كل حال".
وقال: "إن هذا العلم دين، فانظروا عمَّن تأخذون دينكم، لقد أدركت سبعين ممن يقول: قال فلان، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند هذه الأساطين - وأشار إلى مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فما أخذتُ عنهم، وإنّ أحدهم لو أؤتمن على بيت مال لَكان به أمينًا، إلا أنهم لم يكونوا من أهل هذا الشأن...".
وقال مالك: "بلغني أن العلماء يُسألون يوم القيامة عما يُسأل عنه الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام"، و"طلبُ العلم حَسَن جميل، ولكن انظر ما يلزمك من حين تصبح إلى أن تمسي فالزمه" ـ يقصد عمل اليوم والليلة، و"ينبغي للعالم ألا يتكلم بالعلم عند مَن لا يطيقه، فإنه ذل وإهانة للعلم، وحق على مَن طلب العلم أن يكون له وقار وسكينة".
وقال مالك: "الناس في العلم أربعة: رجلٌ عَلم فعمل به، فمَثله في كتاب الله قوله تعالى: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ) (سورة فاطر: الآية28)، ورجل عمل به ولم يُعَلِّمه فمثله في كتاب الله: (الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى) (سورة البقرة: الآية159)، ورجل علِم علمًا وعلَّمه، ولم يعمل به، فمثله في كتاب الله: (إِنْ هُمْ إِلاَّ كَالأَنْعَامِ) (سورة الفرقان: الآية44).
وقال مالك: "حق على مَن طلب العلم أن يكون له وقار وسكينة وخشية، والعلم حسن لمن رزق خيره".
وقال: "ما أحب لأحد أنعم الله عليه إلا أن يرى أثر نعمته عليه، وخصوصًا أهل العلم، ينبغي لهم أن يُظهروا مروءاتهم في ثيابهم، إجلالاً للعلم".
وقال: "أدب الله القرآن، وأدب رسوله السنة، وأدب الصالحين الفقه"،
[b]