منذ بداية حرب الخليج سنة 1991 وأنا أتابع العلاقة التي تربط المسلمين بالغرب، وكنت أفهم هذه العلاقة حسب تطور واتساع فكري وانفتاحه. كان يحز في نفسي ظلم الغرب للحضارة الإسلامية، بل والسعي إلى إقصائها من التاريخ الحضاري والأخلاقي. ولكن كل مرة أنتهي بتمثل قول ابن خلدون المأثور عنه ألا وهو أن المغلوب يقلد الغالب؛ فالأمة العربية والإسلامية متخلفة فكرا وعلما وجاهلة بأخلاق الحضارة وبذوق الفن، وبناء عليه فهي تؤدي الضريبة نتيجة تخليها عن الركب الحضاري.
كتب المهدي المنجرة عن حرب الخليج وسماها بالحرب الحضارية الأولى، وتابع في أبحاثه بأن الصراع بين الشمال والجنوب هو صراع القيم والثقافة، ودعا إلى تبني أسلوب الحوار لخلق فرص التعايش. وبما أن الغرب يشهد تاريخه على بربريته فمن الطبعي أن يسعى إلى جعل العالم كله بربرية وأشد عنفا ، وبهذا يشهد كذلك صاحب كتاب: ثقافة أوروبا وبربريتها حيث يكتب بأسلوب كرونولوجي عن تاريخ بربرية أوروربا، وانعكاساتها على الأقليات عبر العالم، بل ويعرج على البربرية الوحشية التي عاملت بها أوروبا مسلمي ويهود الأندلس، وهي في اعتقادنا المحرقة المسكوت عنها.
فهمت بعد لأي بأن العرب اختاروا التخلف ورضوا بفتاة الغرب الحضاري، وروايات غسان كنفاني وعبد الرحمان منيف تصور حال العرب مع ثقافة التخلف، ويكفيك قولة غسان كنفاني المدوية إلى اليوم والتي أوردها في روايته: رجال تحت الشمس ومؤدى القولة: لماذا لم يطرقوا الجدران؟ لماذا لا تهدموا جدار الصمت والتواطؤ يا عرب، يا أهل جزيرة العرب، يا أهل أرض السواد.
سحرتكم ليلى بخصرها وبقدها الممشوق وتتبعتم سيرة بن ذي يزن وخلقتم البطولة الكلامية وقد صدق القصيبي حين وصفكم بالظاهرة الصوتية. تلهثون وراء الفروج وتقرأون أن عدم مس الفرج كان سببا في انفراج الصخر الذي حبس الثلاثة في كهف داخل جبل، تقرأونه في رياض الصالحين، وتسكنون رياض المفسدين، كم من عذراء مزقتم كرامتها، وكم من مال بذرتموه في الليالي الحمراء، تتغاضون عن إساءة الذات وتلومون الآخر صاحب الثقافة البربرية في إساءته لكم,,, ما أحمقكم (المقال يتبع)