مدير المنتدى Admin
عدد المساهمات : 49 تاريخ التسجيل : 04/09/2012 العمر : 38
| موضوع: منهجية تدريس العلوم الشرعية الأربعاء سبتمبر 12, 2012 9:54 pm | |
|
إن للدراسات المصطلحية أهمية قصوى لضبط كثير من الاختلالات التي قد يكون منشأها سوء تقدير للوضعيات المراد دراستها، وتزداد الازمة ضراوة اذا ارتبط الامر بكتاب الله تعالى وأسس نشره وتعلمه، لهذا كانت هذه المقالة، تهدف الايجاز في العرض، مع تحديد أهم العناصر التي تكون بمجموعها أصول تعلم كتاب الله تعالى وتعليمه، ولتحقيق ذلك ارتأيت أن تكون مداخلتي مؤسسة على ما يلي:
1. مقدمة: هل هناك مجال تعليمي لتعليم القران الكريم.
2. أهداف تدريس القرآن.
3. الأدوات اللازمة لتدريس القرآن.
4. الخطوات المنهجية للتدريس.
5. خاتمة:في موضوع فتح المجال لتدريس القرآن.
أيها الإخوة الكرام، نجتمع في هذه الدراسة من أجل تبيّن كيف ندرّس القرآن، وكيف نَدرسه، لكن السؤال الذي يتبادر الى الذهن ابتداء، أين ندرس القران؟ وأين يدرس؟.تعد وزارة التعليم المتخصّصة لصناعة إنسان الغد، ووزارة الأوقاف المتخصّصة في صيانة هذا الإنسان، وفي أحسن الأحوال فهما ليسا ذا صلة بأصل الصنع، وإنما الذي يصنع الإنسان هو التعلّم، من اجل ذلك فقد بُعث الرسل جميعا معلمين صنّاعا للإنسان وفق مقاييس مضبوطة، بينها الله تعالى، تكفُل للإنسان أن يحيا سعيدا، والأمة وللبشريةُ إن صنعت وسارت وفق هذه المقاييس، حق لها أن يعيش مع الحق الذي جاء به الله تعالى " لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ "،يحلم العالم بالسلام، ولا يعيش إلا التّعاسة، وما السعادة إلا بإيقاع القرآن، فهذا وحده السلام الذي تطمح إليه البشرية جمعاء " فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا"، أقول، هذه الوزارة أين تدرّس القرآن؟ إن المواطن المغربي نموذج من نماذج المسلم في العالم،أين يدرس القرآن؟ وأين يدرّس بصورة منهجية ؟تلتزم وزارة التربية الوطنية التدريس بعد أربع سنوات- لأن ما كان خارجا من الوزارة هو من الجهود الفردية، فليس على هذا تقوم الأمور-، أين تدرّس هذه الناشئة في المغرب؟ يدرس القرآن في التعليم الابتدائي، الإعدادي، والملاحظ غياب الرسالة القرآنية في منهج التدريس، الذي يتجه في هذا البشر بالتبليغ، بل إلى الراشدين من البالغين، وهم ما زالوا أطفالا. هل هناك تدريس في الإعدادي؟ أبدا...، ليس موضوعا للدرس القرآني، بل موضوعٌ للاستشهاد والإستئناس، لا علاقة لذلك بتدريس القرآن، ولا دراسته .إن هذا الواقع المؤسف من حيث نتائجه على البشرية جمعاء، محتاج كلُّ للهدي الرباني، ولتحقيق هذا التواصل كانت العربية اللسان الوحيد لفهم القران لذلك، نتساءل؟ لماذا لا يجد القرآن فرصة المساواة، فكلام الله يحب الاتصال، ولا تواصل دون اداة تاخذ مرجعيتها من لسان العرب.
2- منهجية تدريس القرآن الكريم،
أهدافها: جعلتها في ثلاثة، ينبغي أن تكون نصب عين مدرس القرآن .
2-1- تحصيل العلم بأصل العلم- كتاب الله-: العلم في الكرة الأرضية أصل، ولا وجود لهذا العلم إلا بالتحقق باصل العلم، فهو موجود في كتاب الله تعالى، وما علم الفقه، والأصول، العلوم الشرعية كافة إلا خادمة له، فعلم الكتاب في الحقيقة لا يصل إلا إلى القلب، وإذا درّس الكتاب أمكن إنتاج العلم، ليشهد هؤلاء الذين يحاولون تاويله، ان العلم المقصود لذاته موجود في الكتاب، وعالم الكتاب يمكن ان نستثمره من الكتاب، لا يمكن أن تتكون لدى الشخص من كتاب آخر، لا بد من الاتصال المباشر، وما سوى ذلك فهو من قبيل المعينات" أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا" " كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ"، لا يتمّ هذا التدبر إلا داخل الكتاب،إن الهدف من تدريس القرآن، هو أن يعطي للمتعلم علما -هو علم الكتاب- وهو أصل العلم كله،" وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ "، هذا العلم هو الذي يرفع أهله، قال تعالى" وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآَنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا" ، هذا نمط أسلوبي، اللفظة لا يكررها، بل قرآن يكرر لفظته تتضمّن تلك اللفظة وزيادة ،والأولى تستصحب من الثانية، والعكس. صحيح أن هذا العلم هو الهدف الأول من تدريس القرآن، وذلك لا يحصل إلا بدراسة الآيات مباشرة والسور والكتاب كله، نعلم أن القران له ثلاثة وحدات كبرى، وحدة الآية، وحدة السورة ووحدة الكتاب. هذه الوحدات عامة تختزل العلم على درجات:- الآية تختزل القدر ولا تستقل .- والسورة تستقل قدرا .- الكتاب يختزل العلم ويستقل. إذا أخذت بعضه أفاد، وإذا أخذته كله كانت الفائدة الكبرى.إذا أردت معرفة الله تعالى ، فاقرئ القرآن، في أسمائه وأفعاله، تفصيلٌ لا وجود له في كلام آخر، يؤخذ من أصله، وباقيه معين، فضلا عن أن الرؤية الشاملة تتكامل داخل القرآن، فينبغي أن تتلقى هنالك.
2-2- ماذا بعد؟نحتاج إلى أن نستخلص ما نحتاج إليه في كل مصر وعصر من هدى لنهتدي سبل السلام " الهدى المنهاجي" اللازم لسعادة الإنسان، لأن هذا الأخير لا يترك جانبا من الإنسان لا يهديه، سواء كان المجال للتفكير أو التدبير لشؤون الحياة على إطلاقهّ، كل ذلك في القرآن، هدى له يرشده للتي هي أقوم، وفي كل زمان ومكان، ولكل إنسان، ولهذا تنزّل النص، مرتبطا بتنزّل معانيه. مثال: "فالله تعالى بين لنا الحالة الصعبة التي يعانيها المشرك،قال تعالى " فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ". هذا وقد كان بإمكان جيل قبل اكتشاف الإنسان، نقصان الأوكسجين، أن يفهم المراد من الآية بالضبط،لأن الضغط فيه قوة - هذه الآراء مستمرة في التاريخ، ستأتي أجيال تفهم من كتاب الله أمورا لم يفهمها من قبلنا.لقد نزل القرآن بلسان عربي، والجيل الأول فهم كل ما يحتاج إليه في حياته في ذلك الظرف، وإن خامره إشكال اتجه إلى الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، ولكن بقيت أشياء ويأتي زمان، وإن لم تسأل، تُفرض عليك ،- هذا الأمر- مسألة استنباط الهدى المنهاجي، يتعلق بالصيدلية لكل الأدوية من الإمراض " كتاب الله"، تحتاج إلى علم بالكتاب في علاقته بالواقع، لأنه ما جاء هداية للزمان السابق، كان ولا يزال هداية مستمرة الى قيام الساعة، والحاجة تشتدّ إليه للإجابة عن قضايا يثيرها الظرف التاريخي.
2-3. الدافع إلى التخلق بخلق القرآن: لا نحتاج لأن نستنبط معارف نظرية ونقف، لا بدّ أن يلبس هذا الذي علّم واستنبط " قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآَتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ"، فالذي خلق الخلق أكبر من اللباس، لأنه يكون في علاقة بالإنسان المتخلق به، كعلاقته بالخلقة، كثوب الصفات الخلقية، والقرآن خلق " كان خلقه القرآن " نحن حجمنا الألفاظ " الخلق ليس هو" عدم الكذب "الخلق يمتدّ إلى أي تصرف في التفكير والتدبير، هناك خلق إيماني....
3- الأدوات :
3-1الأداة اللسانية: هذا الكتاب أُنزل بلسان عربي مبين، لا بد من التمكن من الأداة اللسانية اللازمة لدراسته وتدريسه، فلا وجود للّغة في القرآن كله، - هذا التبديل في الألفاظ القرآنية، وضعت أشياء مكان ألفاظ- ، والذي اختاره الله هو الذي يجب أن يبقى، هذه الأدوات اللسانية نختصرها في - فقه اللسان- العربية، فقه المكونات (لمستوى الصرفي، الدلالي،...)، فقه اللسان درجة عليا في الفهم لأن هذا القرآن في قمة البيان العربي، والتشكل اللغوي والأدائي العالي للغة، لم تبلغه لغة في نصّ كما بلغته في القرآن، فإذا لم ينفذ في أسراره، لن يستطاع فهم القرآن، فمن لا يدرك اللسان لا يفهم، وهناك يأتي الكلام في العربية، لأن التدريس يبتدئ من المدرس، إعداده هو الأساس، ومرحلة الإعداد أكبر من التنفيذ، لا تكون في المراكز بل تكون في المراحل التعليمية كلها، إعداد المدرس تكون قبل ذلك ولا علاقة لها بالمدارس العليا أو الدنيا.فأمر إعداد المدرس ليكون مفقها مفوها في العربية ينبغي أن يكون قبل ذلك، لأجل ذلك فالتعليم ينبغي أن يتحسن أحواله في الابتدائي...ينبغي أن يتوجه الاهتمام وجهة لما بعده، من توريث الأجيال حب القران واللسان العربي، فهذه الأداة اللسانية لابد منها.
3-2. الأداة العلمية: تتعلق بعلوم القرآن، تدوينه...والعلوم الكونية، والإنسان باعتباره موضوع الخطاب، ولكن تعلقها في المألوف بعلوم القرآن، وإلا فالعلم بالسنن الكونية وغيرها كل ذلك مهمّ جدا في فهم القرآن، القرآن يتكلم كلام رب الملك، فكل شيء حاضر يجب أن يكون قد أعده المدرس، قد أعد في صلته بهذه العلوم "الأداة اللسانية "المقام تتجه إلى الحال لأن مقام الخطاب" المخاطِب،المخاطَب،ظرف الخطاب، ثم الأداة"
3-3. الأداة الإيمانية: لأن هذا القرآن كما عبر عنه رسول الله كمثل الماء" كمثل غيث"أين هي الأرض التي ينفع فيها القرآن؟ لكل أرض؟،لا تقبل القرآن قلبا لا تقبل الحق، ولذلك قال " قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آَذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ". " وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى" " يأَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآَمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ" " " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ" الإبصار يكون بالتقوى " إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ"، شرط دراسة القرآن وتدريسه الإيمان بما فيه، القرآن لا يعطي سّره إلا للمؤمن، يستقبل ويقبل.
4. خطوات منهجية:
4-1. التحضير: لا بد من الإعداد من المدرس، في العلم والخلق والصناعة، وهناك التحضير الصغير : إعداد الدرس، والحاجة إلى التحضير الكبير أكبر من الصغير و لابد منها .
4-2. تقديم الدرس: يجب أن تكون فيه القراءة التي فيها إسماع القران، هدف " يزكيه.." فهذه خطوة مستقلة، لا ينبغي إهمالها بحال.
4-3. التفهيم: وعليها المدار، عادة القدر الذي ينبغي أن يكون موضوعا للدرس، أن يشكل للوحدة، لكنها وحدة مضمونية، هذا التفهيم عبر المراحل.
4-3-1- التفهيم للألفاظ: وخير ما يشار إليه مفردات الراغب، وكتاب المقاييس اللغة لإبن الفارس. الألفاظ في القرآن لها خصوصية دلالية، ممن يهتم بذلك الراغب، ومن يعين على التذوق الدلالي "الفارس"
4-3-2الصيغ الصرفية: للأسماء في العربية وللأفعال صيغ، ولهذه الأخيرة قيم دلالية، لا بد أن تفقه في النص، حتى في جموع التكسير، لعظم المفرد. هذه الجموع صيغ صرفية تحتاج أن يوقف عند كل صيغ على حدة ليفقه النص جيدا.
4-3-3 التركيب النحوية : لها أوضاع فيها، الأصل الجملتان: الجملة الاسمية والفعلية ، وللحال تدقيق، والحال تقييد، فالجر بالباء شيء، كل له وظيفته، هكذا التبع لبقية التركيب.
4-3-4 الاساليب : كما في دراسة الحال والصحة، المستوى الأدائي أكبر، وهنا تأتي البلاغة، البديع والمعاني، ويأتي غير ذلك ممّا لا يوجد في ذلك ممّا له صلة،التقديم والتأخير هي أيضا، لا بد من الوقوف على الفعل لماذا تقدم وما تأخر؟ بعد ذلك نصل في الألفاظ المفردة، تصل إلى المعاني.
4-3-5 المعاني: يفضل أن يتبع المعنى، وقد مهد تتبعها جزئيا من الأول إلى الأخر، ثم بعد ذلك ننتقل إلى درجة أخرى، تريد المعنى التفصيلي، نريد المضامين الكبرى التي تتكون من عدة جمل، ليس المقصود به المعنى الجزئي، الآن تتحدث أن المدار على الجمل، ثم بعد ذلك تبين الموضوع المحوري .بعدها مباشرة مرحلة الاستخلاص للهدى المنهاجي على إطلاقه إي الاستنباط بالمفهوم الشامل، ليس الأحكام الفقهية، ذلك أن القرآن هدى فيجب استخلاص الهدى من هذا القدر الذي درس، ثم استخلاص الثمرة العلمية للتخلق لدى المتلقي، بالتفكير تستطيع أن تختار وجه العمل والتطبيق، هناك في هذه المرحلة نكون قد انهينا نقطة رابعة.خاتمة : فسحة للتدريس، يجب أن نطالب بفتح وزارة للقرآن الكريم، الأساس هو التعليم، إذا لم ننجح في إسلام التعليم لن ننجح في إسلام الأمة.
| |
|