يعني نقد الشيء إبراز محاسنه والوقوف على مساوئه، كما يعني تقديم بدائل لإقامة تلك المساوئ. ويرى الكثير من الناس أن النقد يتعلق بالفكر ويكاد ينحصر في المجال العلمي والأدبي، وهم بذلك يغضون الطرف عن النقد الذاتي الذي يسهم في جعل الذات تعي ذاتها وتتشبث بكرامتها وتسعى جاهدة لتحقيق تبصر أكثر وعيا ونضجا . وفي هذه الكلمة المقتضبة أقدم بعض المقدمات في ممارسة النقد الذاتي:
المقدمة الأولى: في الوعي بالذات
لا يكفي للوعي بالذات التفكير فقط، فأنت ولو أنك تفكر فوجودك لا يتحقق به بل العكس هو الصحيح؛ يعني تفكيرك يتحقق بوجودك أولا، ألا ترى أن الأحمق يمارس عملية التفكير ولكن هل يعي ذاته؟ فالجواب لا. إذن التفكير ولو أنه ميزة وخاصة في الإنسان، إلا أنه لا يجعلنا نعي ذاتنا ومن تم فالوعي بالذات يحققه الأثر الناتج عن الوجود الزمكاني.
إننا نعرف مسبقا بأن الكثير من القراء قد يخالفوننا الرأي وبخاصة حين غضضنا الطرف عن الكوجيطو الديكارتي، فالأمر كان مقصودا؛ فديكارت جعل الفرد منطلقه بينما نحن جعلنا الجماعة والمصلحة المشتركة منطلقنا وهدفنا. فالذات في منظورنا المتواضع لا يمكن أن تعي ذاتها على الوجه الأمثل إلا داخل الجماعة، وعليه فالتفكير داخلها يحقق الأثر الذي وجدت لتحقيقه في الزمان والمكان.
(غذا نتحدث عن المقدمة الثانية)