الحرب الصباحية أودت بحياة جرو في ريعان الشباب
ودعت الفراش على مسمع آذان الصبح، فهل بادرت بالصلاة؟ أجيبك بعد حين.
ارتديت ملابسي الأنيقة (نوعا ما)، وهاتفت صديقي الذي يملك سيارة ليقلني معه إلى مقر العمل. لما ألقيت بنفسي خارج المنزل هجم البرد القارس على بشرتي السمراء، فحاولت المقاومة مستعينة بألبستي الصينية التي غزت "درب عمر" بالدار البيضاء، ولكن كانت أسلحة البرد لا تقبل الردع، فكلما هاجمت تتزود بشحنات من الثلوج الجاثمة على الجبال القريبة من المدينة الحمراء.
دلفت إلى السيارة مخلصا نفسي من نسيم القر. انطلقنا عبر شوارع مدينة مراكش المزدانة بالدراجات النارية، وأغلبها تقاد من طرف نساء عوانس وهن في طريقهن إلى العمل بالفنادق على اختلاف أصنافها.
وصلنا قرب مقر العمل، فاستأذنت صديقي في أن ينتظرني حتى أتناول فطوري، وأسترد ما ضاع مني من قوة إبان الحرب الصباحية ضد البرد القارس. وبينما أنا أتناول "البصارة المراكشية" بنهم شديد يخيل إليك أنني جندي ألماني تخلص من الأسر للتو، وإذا بسيارة متهورة وشديدة السرعة تدهس جروا كان يقطع الطريق، وصدقني فهذا الحادث جعلني أترك الفطور مبادرا إلى تفقد الجرو المرحوم، ولكنه كان قد أسلم روحه، فنظرت إلى السائق نظرة عتاب، فحس بما دار في خلدي، ونطق قائلا: (القدر يا سيدي، والله لم أكن أنو وضع حد لحياته، ولكنه تعجل بقطع الطريق فقطع رزقه في الحياة، وأحمد الله أن الأمر لم يكن يتعلق بالإنسان، وأظن أن هذه من مباركة صلاة الصبح التي أديتها وراء الإمام بالحي). فلم أرد عليه وانشغلت بإبعاد الجثة عفوا المرحوم عن الطريق معتذرا له عن قساوة الإنسان المسلم الذي يؤدي فرائض الصباح والمساء، ويعتبر الجرو فضلة في الكون كما يعتبر النحاة "الحالة"